أولا ــ الأخذ بمفهوم الإشراف التربوي
الحديث :
يختلف اليوم مفهوم الإشراف التربوي عنه
في الماضي ، فقد كان قديما يعرف بالتفتيش ويعني : البحث أو التحري عن شيء ، أو
أشياء معينة يضعها المفتش نصب عينيه مسبقا ، بالإضافة إلى ما يخطر على باله عن
طريق تداعي المعاني والأفكار .
تم تطور هذا المفهوم واصبح يقصد به : المجهود
الذي يبذله المسؤولون عن هذا العمل لمساعدة المعلمين على أداء وظائفهم كاملة ،
ودفعهم إلى تحقيق كافة الأهداف التربوية للمواد الدراسية ، وللمرحلة التعليمية ،
وتوجيههم إلى كيفية التغلب على المشكلات والعقبات التي قد تعترضهم أثناء أداء
عملهم ، علاوة على التنسيق بين جهود المعلمين ، ونقل الخبرات الجيدة بينهم ،
والأخذ بأيديهم في طريق النمو العلمي والمهني .
تم تطور مفهومه ليكون أكثر شمولية ،
وفاعلية حتى أصبح يعرف بالإشراف التربوي ، ويعني تقويم وتطوير للعملية التعليمية
التعلمية ، ومتابعة تنفيذ كل ما يتعلق بها لتحقيق الأهداف التربوية ، وهو يشمل
الإشراف على جميع العمليات التي تجري في المدرسة ، سواء أكانت تدريسية ، أم إدارية
، أم تتعلق بأي نوع من أنواع النشاط التربوي في المدرسة ، وخارجها ، والعلاقات
والتفاعلات الموجودة فيما بينها . وفي تعريف آخر نجد أن الإشراف التربوي قد توسعت
مفاهيمه بحيث أصبح يشمل إلى جانب زيارات المعلمين ، ونصحهم بأي طريقة تتم هذه
النصيحة ، تم رفع تقارير عنهم ، وعن مستوياتهم ، إلى أن أصبح الإشراف التربوي
عملية شمولية تهدف في المقام الأول إلى الأخذ بيد المعلم ومعاونته ومساعدته على
رفع مستواه ، وبالتالي تحسين العملية التعليمية والتربوية في المدرسة ، حيث إن عمل
المشرف لا يقتصر على المعلم فقط ، بل إنه بصورة مباشرة وغير مباشرة يتعامل مع
الكتاب ، والوسيلة التعليمية ، والنشاطات المختلفة ، ومن ثم التلميذ كمحصلة نهائية
. وهو يهدف في إطاره العام إلى تطوير وتحسين سير العملية التربوية ،
والتعليمية ، والبيئة التربوية لمستجدات العمل التربوي .
ثانيا ــ الإشراف التربوي عمل جماعي
تعاوني :
أصبح الإشراف التربوي يتبع أسلوب القيادة
الجماعي ، وإشراك المعلمين مع المشرف في اكتشاف ومناقشة مواطن الضعف والقوة في طرق
التدريس ، ثم إشراكهم في استخلاص التوجيهات اللازمة لعلاج مواطن الضعف ، وتدعيم
مواطن القوة ، مما يدفع المعلمين إلى تفهم أهمية التوجيهات ، ويقومون بتنفيذها عن
قناعة تامة ، لأنهم شاركوا في وضعها ، إضافة إلى مد جسور العلاقات الطيبة بين
المشرف التربوي والمعلمين مما يساعد على تحقيق أهداف الإشراف التربوي ، ورفع مستوى
كفاءة المعلم .
ثالثا ــ نقل الخبرات المميزة بين
المعلمين :
كان المفهوم السائد للتفتيش ، والتوجيه
التربوي غالبا ما يقوم على تدوين الملاحظات والتوجيهات وإعداد التقارير اللازمة
حول العملية التربوية ، ولكن المفهوم الحديث الإشراف التربوي أصبح يتمثل في
الممارسة العملية التي يقوم بها المشرف ليستخلص منها هو والمعلمون كافة التوجيهات
المرتبطة بها ، والتي تستهدف رفع مستوى كفاءة المعلم . ويرتبط تحقيق الأهداف
العلمية بنقل المشرف التربوي لخبرات المعلمين المتميزين لغيرهم من زملائهم ، مع
تبادل زيارات المعلمين فيما بينهم ، وتحت رعاية المشرف التربوي ، إلى جانب قيامه
بإلقاء الدروس النموذجية المتنوعة ، والتي يختارها من دروس المعلمين المتميزين ، ثم
يطورها ويضيف عليها كل ما هو جديد في طرق التدريس ، وأساليبها ، وفي المادة
العلمية ، وبذلك يكون عمله النموذجي حافزا للمعلمين على الاقتداء به عمليا وعلميا
.
رابعا ــ مراعاة التخلي عن العبارات
التقليدية :
دأب المشرفون التربويون فيما مضى ، وحتى اليوم
إلى حد ما على ترديد كثير من العبارات التقليدية المألوفة ، وكتابتها في ملاحظاتهم
بعد زيارتهم للمعلمين ، ولا يكاد يفلت من هذه العبارات الرنانة التي لا تنطوي على
مغزى تربويا ، واحدا من المشرفين إلا من رحم ربي . ومن هذه العبارات على سبيل
المثال قولهم : دفتر التحضير مرآة تعكس جهد صاحبه . ولا أظن أن هذه المقولة صحيحة
المعنى ، لأن جل المعلمين إن لم يكن كلهم لا يهتمون بدفتر التحضير الاهتمام اللازم
، بل ود الكثيرون لو يصدر قرار يخلصهم من هذا الهم القاتل الممل المضيع للجهد
والوقت .
ومن العبارات أيضا قولهم : مراعاة الفروق
الفردية ، والنمو المعرفي عند المعلم ، والإكثار من المناقشة داخل الفصل ، وما إلى
ذلك .
ويفضل أن تستبدل تلك العبارات بأخرى أكثر جدية
وتطورا ، وأن تكون ذات دلالة يمكن تحقيقها من خلال الزيارة الميدانية ، وترك
اختيار العبارة الجدية ، والأكثر ملاءمة للعمل التربوي للإخوة المجتمعين .
خامسا ــ تزويد المشرفين التربويين
بالنشرات التربوية اللازمة :
لكي يكون الإشراف التربوي أكثر تغييرا وتطورا
وفاعلية ، ينبغي أن تزود الجهات المسؤولة عن الإشراف التربوي في الوزارة المشرفين
التربويين في مختلف المناطق التعليمية بالنشرات التربوية ، وخلاصات الأبحاث التي
تعني بالإشراف التربوي ، وتعمل على تطوير آلياته ، إضافة إلى عقد الندوات
واللقاءات والدورات التربوية التي تصقل الإشراف التربوي ، وتجعله متجددا فاعلا .
سادسا ــ حرية الإشراف التربوي ومرونته :
ينبغي على المشرف التربوي أن يكون
مرنا غير روتيني ، بحيث لا يتقيد بأسلوب إشرافي واحد يطبقه على جميع المعلمين
الذين يتولى الإشراف عليهم خلال عام ، أو أعوام متكررة ، بل عليه أن ينوع في
أساليبه حسب المواقف ، وحالة المدرس الذي يقوم بزيارته ، بل وعليه أن يراعي حالته
النفسية ، وتمكنه أو ضعفه في مادته ، أو أدائه ، وهل هذا الضعف ناجم عن عدم
الإعداد الكافي ، أو الافتقار إلى الخبرة والممارسة التي تعد المعلم إعدادا جيدا ، أو إلى سوء استخدام الوسائل التعليمية المعينة ، أو جهل بطرائق
التدريس الناجحة وأساليبه .
سابعا ــ الاهتمام بالأساليب التربوية
الأخرى :
يجب على المشرف التربوي أن يهتم بالأساليب
التربوية الأخرى اهتماما كبيرا لأنها تنمي وتطور العمل الإشرافي ، ومن هذه
الأساليب : ورش عمل الدروس النموذجية ، وتبادل زيارات المعلمين في التخصص الواحد ،
وإقامة الندوات التربوية ، والاجتماعات التي تناقش عملية تطوير الإشراف التربوي ،
وإن كان مثل هذه الآليات موجودا ، إلا أنها تحتاج إلى تطوير وتفعيل ، لتؤدي الغرض
المنشود منها على أفضل ما يكون .
ثامنا ــ عقد اللقاءات التربوية :
لكي تتطور عملية الإشراف التربوي ، وتتغير إلى
الأفضل ، لا بد من التواصل المستمر ما بين المشرفين التربويين ، ومديري المدارس
لمناقشة عملية الإشراف التربوي ، وتوضيح دور كل من المشرف التربوي ، ومدير المدرسة
المشترك بالضرورة في عملية الإشراف ، وتطويرها وتحسينها باعتباره مشرفا تربويا
مقيما .
تاسعا
ــ وإلى جانب ما سبق عن تطوير عملية الإشراف التربوي يمكننا رصد بعض الجوانب
المتعلقة بتطوير المشرف المتابع ممثلة في التالي :
1.
ــ تكريس الدور فيما يتعلق بمتابعة احتياج المدارس وتهيئتها :
أ ــ المسح الميداني المنظم ، والمطور ليقدم من خلاله احصائيات
دقيقة للمدارس التي يشرف عليها ، ويحدد بدقة حاجة تلك المدارس من المعلمين ،
والكتب ، والتجهيزات المدرسية ، وما
إلى ذلك .
ب ــ تفقد المبنى المدرسي ، ومرافقه ، وفصوله الدراسيه ،
وساحاته ، ومقصفه ، ويعمل على تطويرها ، وتجديدها ، حتى تكون دائما صالحة
الاستعمال .
ج ــ متابعة المكتبات المدرسية ، والمختبرات العلمية ،
والوسائل التعليمية ، والعمل على تنظيمها ، وتحقيق أغراضها ، وتأمين متطلباتها .
2.
ــ في مجال الإدارة المدرسية :
أ ــ الاطلاع على خطة مدير المدرسة ، ومتابعة تنفيذها .
ب ــ استعراض سجلات المدرسة ، وملفاتها ، والعمل على توجيه
القائمين عليها ، والأخذ بأيديهم إلى الأفضل .
ج ــ متابعة التعليمات التي ترسل إلى المدرسة ، ومعرفة مدى
اهتمام إداريي المدرسة بتنفيذها ، وحثهم على تنفيذها ، والعمل بها .
د ــ الاطلاع على جداول المدرسة ، وخطة النشاط ، ومتابعة جداول
المتدربين ، والإشراف على سير الاختبارات في المدارس التي يشرف عليها ، وكل ما
يتعلق بالأسئلة ، وأوراق الإجابات ، ومراجعة عينات منها .
3.
ــ في مجال الإشراف التربوي على المعلمين :
تحدثنا عنه آنفا عند حديثنا عن المشرف التربوي
بصورة عامة .
تلك رؤى سريعة حول الإشراف التربوي عامة
، والمشرف المتابع خاصة لعله يكون فيها الفائدة المرجوة ، والله الموفق .
إعداد
الدكتور
/ مسعد محمد زياد
المشرف
والمطور التربوي
بمدارس :
دار
المعرفة الأهلية للبنين
والمستشار
التربوي لمنتديات الحصن النفسي
والمحاضر
في العلوم اللغوية والتربوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق